روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | أختي.. عيّشتنا على جمر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > أختي.. عيّشتنا على جمر


  أختي.. عيّشتنا على جمر
     عدد مرات المشاهدة: 2143        عدد مرات الإرسال: 0

السلام عليكم. جزاكم الله خيرا على الموقع والخدمة الرائعين. أرجو أن اكون قد ارسلت سؤالي إلى القسم الصحيح

نحن اسرة تتكون من الأب والأم، ثلاث بنات أنا اكبرهن، وابن يصغرني. أنا متزوجة منذ اكثر من عام وأخي تزوج منذ شهر.

استشارتي بخصوص أختي التي تصغر أخي. هي طالبة في السنة الأخيرة من الجامعة.

مشكلتنا جميعا معها في سلوكها وطريقة اختيارها لملابسها وخروجها من المنزل بمظهر خليع وتأخرها خارج المنزل. شخصيتها عنيدة ولا تقبل الانتقاد أبدًا، تتعامل بصورة جيدة وتساعد في أي شيء لا يتعرض لها.

الفترة الاخيرة اصبحت مواظبة على صلاتها وتطلب من أمي أن توقظها لصلاة الفجر، تحب مساعدة الناس وترأف بالمساكين.

تحب الحياة والسفر والخروج وتهتم كثيرا بمظهرها.

علاقتها جيدة بصديقاتها ولكن ضعيفة بالاسرة ولا تهتم بصلة الرحم ما عدا ابنة عمتي التي تشبهها في شخصيتها وهي اقرب صديقاتها وبعض بنات عمرها.

عندما كانت في المرحلة الثانوية كانت اقرب صديقاتها

محجبة فتأثرت بها وتحجبت ولكن بعد ذلك سافرت صديقتها وأصبحت جميع صديقاتها يلبسن لبسًا خليعًا فأصبحت مثلهن.

بالنسبة لدور كل واحد من الاسرة، أمي متدينة ودائما ما تتحدث معها وأحيانا يتشاجرن ولكن دون فائدة، أختي لا تسمع لأي احد ولا تفعل الا ما تريده هي وتتعامل مع الجميع بعدم احترام.

أبي لا يهتم كثيرا بأمر الملابس والمظهر، ولكن قبل سنوات عرفنا أنها تكذب عندما تريد الخروج وعرفنا أنها كانت لا تذهب للمدرسة، ترتدي زي المدرسة وتخرج في ميعادها ولكن لاتذهب للمدرسة.

أبي يكره الكذب كثيرا فكانت كلما كذبت او تأخرت في العودة للمنزل ضربها ضربا مبرحا وهي في حوالي ال 15وال16 من عمرها.

اصبحنا نتحدث معه عن اهمية ما ترتديه فكان يتحدث اليها بعصبية وانفعال.

هي طريقته أن ينفعل في بداية الأمر ويصرخ ويضرب أحيانا ويتخذ اجراءات صارمة وبعد ذلك ينسى الأمر ولا يتابع القرارات التي اتخذها.

مثلا يصيح فيها أنها يجب أن تغير جميع ملابسها ويهدد بحرق الملابس ويمنعها من الخروج وبعد أيام اذا هي تخرج بنفس الملابس وتتأخر دون أن يسأل عنها او يراقبها.

بعد ذلك بدأت المشاكل تكبر، ملابسها أسوأ، تأخرها اكثر واتصلت بي خالتي أخبرتني أن الناس يتحدثون أن أختي تدخن وتخرج مع اولاد وما تلبسه خارج المنزل غير الملابس التي تخرج بها من المنزل.

أخبرت أمي فتشاجرت معها ولكن أمي لا تتخذ قرارت قوية ولا تستطيع أن تفرض شيئًا على أختي، أمي شخصيتها ليست قوية كفاية لتفعل ذلك.

وتقول أن اصلاح أختي يجب أن يكون بالتحدث الدائم اليها والصبر عليها وأختي لا تسمع لأحد أبدا.

لم تنته المشاكل وحتى الآن ومنذ سنين تردنا نفس الأخبار عنها. أنا تحدثت اليها كثيرا عن الموضوع من جميع نواحيه، اهميته الدينية والاجتماعية وسمعتها وسمعة المنزل وتعرضها للعين والحسد لأنها جميلة، حاولت أن اغطي جميع الجوانب ولكن دون فائدة.

أخي تشاجر معها عدة مرات وعندما بدأ اصدقاؤه ينصحونه بسبب ما يسمعونه عنها وكيف يرونها خارج المنزل اصبح يشعر أنها عار عليه فأصبح لا يتعامل معها إلا مضطرا وهي بدأت تشعر أنه يكرهها دون أن تعرف السبب.

إحدى مشاكل التربية في منزلنا هي أننا لم نرب على الاحترام، منذ كنا صغارًا اذا اردنا شيء وأمي رفضته نذهب إلى أبي لأننا نعلم أنه لن يرفض فيوافق فنتجاهل كلام أمي.

ونخبرها أن أبي سمح لنا فأصبح كلام أمي لا قيمة له ولا يسمع، وكذلك الصغير مع الكبير ولذلك أختي لا تسمع لأحد هي فقط تخاف من أبي.

كما اننا ربينا على الحرية وكل شخص يتخذ قراراته بنفسه واختياراته دون تدخل، مثلا اختي ملابسها غير لائقة وأنا منقبة وأختي الاخرى محجبة حجابًا عاديًا.

ما استغربه مع أبي أنه لم يربني أنا البنت الكبرى بهذه الطريقة، كان يتابع مظهري وخروجي وسلوكي ولايترك شيئاُ وكنت احسب له الف حسأب.

لا أعرف لم يفعل ذلك مع أختي، هل لأنه اصبح مشغولا اكثر بعمله أم بسبب تغير افكاره وقناعاته.

مرة قال لي أن الأخوة لا يتشابهون وأني كنت مطيعة منذ صغري وتربيتي كانت سهلة وأختي مختلفة، أنا أرى أنه لو اهتم بسلوك أختي منذ صغرها وتابعها لما كبرت على هذا الحال حتى ولو كانت شخصيتها مختلفة.

أريد أن أتحدث إليه وأضرب له الامثلة عن الفروق في تربيته لي ولأختي ولماذا كانت نتيجة التربية مختلفة. الآن مازال الوضع يزداد سوءا، ولا ادري ماذا أفعل.

لو تحدثت الى أبي إما أن يتصرف بالطريقة الانفعالية ككل مرة او على الاغلب لن يفعل شيئًا لأنه في آخر مشكلة قال أنه ملّ ولن يتحدث اليها مرة اخرى.

آخر ما توصلت اليه أمي أن ترسل اليها من رقم هاتف لا تعرفه لتخوفها بأنها احد رجال الأمن الذين يتابعونها ويعرفون ماتفعل وتهددها، اخبرتها بأن رأيي ان هذه الطريقة لن تجدي نفعًا وإن فعلت فلفترة قصيرة

وأنها طريقة غير تربوية لأنها يجب ان تغير سلوكها بدافع القناعة لا الخوف وأنها اذا غيرته داخل بلدنا فسوف تعود اليه كلما سافرت خارج البلاد.

نحن في حيرة من أمرنا وأنا في حالة اكتئاب منذ تلقيت آخر اتصال بخصوص ما يقال عنها، ارجوكم ساعدوني ما هي طريقة التعامل الصحيحة معها؟ ما هو دور كل فرد من الاسرة؟ كيف نقنعها ونجعلها تتغير؟ ارجوكم ماذا نفعل؟؟

آسفة للإطالة ولكني أردت أن اوضح لكم جميع الجوانب وأعطيكم كل ما يمكنه مساعدتكم لفهم المشكلة كاملة. أرجو ألا تتأخروا عليّ في الرد فنحن نعيش على جمر. جزاكم الله خيرا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

حياك الله أختي المباركة في موقعك " المستشار "، وأسعدنا تواصلك طلبًا للمشورة، ونسأل الله أن يسددك ويوفقك لما فيه نفع أختك وأسرتك جميعا، ويكشف الغمة عنكم عاجلًا غير آجل بحوله وقوته.

أختي المباركة تتلخص المشكلة في محورين:

1.مخالفة أختك للضوابط الشرعية في اللباس والخلطة والخروج من المنزل وغيرها، ونشأ ذلك من تضافر عوامل عدة تتفاوت في تأثيرها: (ضعف التربية الإيمانية، غياب التوجيه التربوي والرقابة في الصغر.

استخدام أسلوب الشدة سواء بالتوبيخ أو الضرب في معالجة هذه السلوكيات في المراحل المبكرة والمتأخرة، ضعف العلاقات داخل الأسرة وافتقارها للحب والاحترام، ضعف ثقافة الوالدين في مجال التربية.

ضعف شخصية أختك نحو قريناتها وتأثرها السريع بهن واتصافها بنوع من العناد والتمرد تجاه غيرهن، صديقات السوء).

2.امتداد تأثير هذه السلوكيات الخاطئة ليشمل أفراد الأسرة من حيث تشويه سمعتهم في مجتمع محافظ لا يرضى هذه السلوكيات، مما سبب ضغطًا نفسيًا عليهم أدى لمواجهات ساخنة مع أختك لم تجد نفعًا في معالجة سلوكياتها.

أختي المباركة أقدر حرصك وتلهفك لمعالجة مشكلة أختك، لكن يلزمك الهدوء والروية والكثير من التفكير العميق حتى تتمكنين بإذن الله من معالجة المشكلة، وقد وضعت يدك على مفتاح العلاج الذي ينسجم مع الواقع الحالي لأسرتك عندما قلت: "أن تغيير سلوك أختك يجب أن يكون بدافع القناعة وليس الخوف".

وأقول أن القناعة مفتاح ولكنها ليست العلاج، إذ يلزم تهيئة البيئة الملائمة لتكون هذه القناعة محركًا للسلوك نحو الاتجاه الإيجابي, وأوصيك بارك الله فيك بالعمل في أربعة محاور:

المحور الأول:إصلاح النية والاستعانة بالله والتوكل عليه.

احتسبي ما تقومين به نحو أختك خالصًا لله أداءً للأمانة ودورك في إصلاح أسرتك، وليس لمجرد الحفاظ على سمعة الأسرة، ثم الجئي إلى الله وتوجهي إليه بالدعاء وخاصة في الثلث الأخير لينجح مسعاك ويهدي أختك إلى الصراط المستقيم، وأكثري من الاستغفار.

المحور الثاني: الفهم العميق لشخصية أختك ودوافع سلوكها حتى تتمكنين من الحصول على مفتاح العلاج وهو الإقناع من خلال:

1ـ تفهمي شخصية أختك وخواص المرحلة العمرية لها، فهي تصنف في آخر مرحلة المراهقة المتأخرة، ومن خواص هذه المرحلة الشعور بالاعتزاز بشخصيتها وحب الاستقلال والحرية والترحيب بتقبل الآخرين لها دون نقد،ورفض الوصاية وعدم تقبل التوجيه والإرشاد المباشرين فضلًا عن التوبيخ والضرب الشديد، والانزعاج من رقابة الآخرين عليها وإن كانت بسبب الحب والاهتمام.

والانزعاج بشدة من الإحساس بأن الآخرين لا يحسنون الظن بها، كما أن من خواص هذه المرحلة الميل للتدين، وأيضًا سهولة التغير بسبب الفكر السائد في بيئتها التي ترتاح إليها، وهذا التفهم يساعدك في اختيار الأنماط السلوكية الملائمة للتفاعل معها.

2ـ افهمي بدقة العوامل الرئيسة التي تدفع أختك للاستمرار في سلوكياتها الخاطئة، وذلك من خلال بناء الثقة المتبادلة ومد جسور الصداقة معها، وتعزيز علاقتك معها وتوثيقها بالتحبب إليها بالكلمة الطيبة والحديث اللطيف والهدية المناسبة وممارسة بعض الأنشطة المشتركة وتحمل ماقد يصدر منها من أذى وعدم احترام حتى تطمئن إلى ودك وشفقتك عليها فتفضي لك بما نفسها وقد تطلب منك النصح والإرشاد.

ويتطلب ذلك منك التغافل مؤقتًا عن سلوكياتها وتجاهل الضغط النفسي الذي تعانينه من تأثر سمعة أسرتك، وهذا الفهم يساعدك في اختيار الأساليب الملائمة لعلاج المشكلة، فكل عامل رئيس يقابله أسلوب علاجي أو أكثر.

ولعله يجدر الإشارة إلى أن المراهق عندما يقع تحت الضغط الأسري لتعديل سلوكه، فإن العزة بالإثم والعناد يدفعه للاستمرار في سلوكه رغم قناعته بخطئه، وأحيانا سوء المعاملة داخل الأسرة قد يدفعه لممارسة سلوكيات تشوه سمعة الأسرة بدافع الانتقام، فيكون تحسين العلاقة مع المراهق ومد جسور المحبة من أبجديات حل المشكلة.

المحور الثالث: التشارك مع أفراد الأسرة.

اعملي على مناقشة المشكلة بجميع أبعادها مع أفراد أسرتك في نطاق ضيق مع الفئة الأكثر تفهمًا والأقدر على المساندة والمساهمة في اقتراح أساليب العلاج وتنفيذها، ويتسع النطاق تدريجيًا ليشمل جميع أفراد الأسرة.

المحور الرابع: تطبيق أساليب العلاج.

ومن أساليب العلاج التي أقترحها وفق عرضك للمشكلة:

1.العمل على أن يكون الجو الأسري جاذبا لأختك بحسن التعامل وبناء الثقة وتوثيق أواصر المحبة داخل الأسرة، والكلمة الطيبة والهدية والأنشطة الأسرية الممتعة من العوامل المعينة، مما يزيد تأثير الأسرة على سلوك أختك ويجعلها تتقبل من أفراد أسرتها وتترك السلوكيات التي تزعجهم إكراما لهم، كما أنه يقلل تأثير قرينات السوء في البيئة الخارجية.

2.العمل على تغيير نوعية الأفراد (الصديقات) في البيئة الخارجية بأساليب مباشرة (مثل تغيير مكان السكن، أو غير مباشرة (الترتيب لفتح قنوات تواصل مع صديقات أخريات يتمتعن بالخلق الطيب).

3.تقوية الوازع الديني لدى أختك بشكل غير مباشر من خلال النقاشات الأسرية العامة غير الموجهة لقضية معينة، مع العمل على توفير كتيبات تقوي الإيمان وتكون في متناول أفراد الأسرة في مكان الجلسة الأسرية، ولا مانع أيضا من تنظيم رحلات أسرية تشارك أختك فيها لحضور محاضرات ودروس علمية، وحرص أختك على الصلاة مؤخرًا مؤشر على حسن استجابتها بإذن الله.

4. بعد انجاز النقاط الثلاث السابقة تكون أختك مهيئة للنقاش المباشر حول الموضوع بالكلمة والموعظة الحسنة من قلبك المشفق المحب فتوضحي لها الحكم الشرعي بالدليل الثابت عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتوضحي العقوبة المترتبة على هذا الفعل، وقد تستغنين بإذن الله عن هذا الإجراء إذ تكون أختك قد استجابت قبله.

وفقك الله وسددك وكفاك ما أهمك.

الكاتب: أ. أمل عبدالله الحرقان

المصدر: موقع المستشار